الأحد، 17 مارس 2013

للمرة الأخيرة ... قصة قصيرة .




لا يحب الانتظار !
هي عادة من ضمن العادات القليلة التي ورثها عن والده ، يذهب لحجز تذكرة قطار بعد الفجر حيث لا أحد يزاحمه علي شباك التذاكر ، لا يدري ما هي وجهة رحلته التي ستشهد حدثه الأخير مع ما يحب .

في برودة الجو ومواه قطة نحيفة سوداء اللون تشكو الجوع و ربما فقدان رضيعها يسأله موظف المحطة عن ميعاد وإتجاه رحلته ، لحظات من الصمت يدور بذهنه الكثير من ضمنها الإجابات التى يريد الموظف سماعه !

" أول قطار إلي الأسكندرية " هكذا كانت الإجابة فالبلد هي أبعد مكان يستطيع القطار الوصول إليه والزمان يلائم عادته في عدم الانتظار ...


بضع دقائق مرت حتى أطلق القطار صفيره وكأن القدر يريد أن يساعده في ما قرر فعله وجنبه ما يكره أكثر من أي شئ ...


بدأت رحلة القطار اليومية ورحلته الأخيرة مع ما يحب مع الكتابة ، لا يحب الأقلام والورق ليكتب ويستبدلهما بالكتابه علي الهاتف ، فكرة أنه سيودع ما يحب لأخر مرة كفيلة لوحدها لكتابة كتب وليس مجرد كلمات ولكن لا أفكار تأتي لزيارته الأن ...!


" اللعنة ... ! " هكذا تحدث إلي نفسه .

طلب فنجان من القهوة ومع تراقص دخان سيجارته الأولي بدأت فكرة كتابته عن الحياة والموت وكيف أنهما أيضا يشتركان معه في كره الانتظار ، مع إشعاله لسيجارته الثانية تذكر حبه الأول لتلك الفتاة التي أحب ضحكتها تذكر كيف كان ساذجا عندما ظن أن ما كان يشعر به هو الحب ، لو لم تكن تلك المرة الأخيرة التي سيكتب بها ما كان ذكر تلك الفتاة الرقيقة التي كانت معجبة به وتركها دون أن يعرف أحد بأي ذنب تُركت ... !


باغته الصداع السخيف الذي يأتي له عند التركيز في شئ ما لمدة طويلة أثر تقدم عمره وحاجة عيناه لنظارة طبية وعدم الاكتراث بإجابه ذلك الاحتياج المؤلم ...


بعض المسكنات وجدها في جيبه كانت كفيلة بتولي الأمور وكأن القدر صديق حميم هذه الليلة علي عكس العادة !

بعض قطرات الندي تداعب الزجاج بالجوار وأطفال علي الصف الأخر عكسه نائمون في سلام !


علاقته بمديره والتي ميزها الشد والشد فلا جذب كان بينهما اطلاقا ، أنتهي به الأمر إلي تركه للعمل خوفا من أن يتطور الأمر وهو لا يحب أن يقضي بقيه حياته يحاكم لقتل من هو فى خسته .


لم يدر كم من الوقت مر أو يبق على الوصول بالتحديد ولا كم من الأشخاص والمواقف التي تستحق الذكر والاحتفال معه في قراره الأخير !


صف من أعمدة الإنارة تتسابق مهرولة بالجوار في الاتجاه المعاكس ، صافرة القطار تصرخ في الأمام دون توقف ، مكان الوصول لم يأت ميعاده بعد ..

لحظات فكانت شاشه هاتفه تعلن الحداد فجأة دون أن يضغط علي زر الحفظ  !



بقلم

الحسين رجب زكى

14/8/2012

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق