يطبع قبلة رقيقة علي جبينها ، ربما تكون الأخيرة ولكنها ولا شك الأولي بهذا الحنين وأمل اللقاء ، جاهدا يمنع دموعه من التسلل على خديه ، يمسك يدها لايريد أن يتركها إلي الأبد لحظات قبل دخولها إلي غرفة العمليات لإزالة ورم صغير في أحد ثدييها .
" نحمد الله فاكتشاف والدتك للمرض جاء مبكرا والتحاليل تطمئننا علي عكس مرض جدتك والذي قضي عليها لا تقلق .... "
أخر كلمات قد تلقاها من الجراح قبل دخوله لغرفة العمليات بلحظات .
في تمام العاشرة ينغلق باب الغرفة ويبدأ هو
" الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ....."
انها المرة الأولى التى يفترقا كل هذه المدة ، كانتا قبل ذلك الخلاف مباشرة في قمة صداقتهما ذات الخمس سنوات أو أكثر ، كتمان الأسرار لم يعرف له طريقا بينهما ، انتظرت مكالمتها في اليوم التالي ولكن دون جدوى ، مر أسبوع على هذا الحال ، اليوم هو عيد ميلاد صديقتها - التردد كان سمة الموقفين - موقف شراء الهدية بالأمس وموقف تقديمها اليوم ، تمام العاشرة ميعاد بدأ المحاضرة أتت فى الميعاد ولكن المحاضر قد تأخر اليوم علي غير العادة ، تتفحص وجود الصديقة في أخرالصف ومكانها الفارغ بالجوار , تتقدم نحوها ببطئ ، ربما ستقابلها صديقتها بالسلام والأسف ، ربما ستدير وجهها الناحية الأخري ، ربما تفكر في شئ ما وغير منتبهة لدخول الصديقة من الأساس ، مر كل ذلك سريعا بعقلها لتجد نفسها أمامها وتقول
" كل سنة وأنتِ طيبة وحشتيني ...!"
يصل عيادته في تمام العاشرة إلا الربع ، يجد مدام فيروز بالخارج في انتظاره يسلم عليها مبتسما ، يدخل غرفته ويشرب قهوته المفضلة قبل الإذن ببدأ الكشف ، لا شك وقت الانتظار مرعليها طويلا جدا ، فاليوم إما أن تطرح سخرية وتهكم أخت الزوج وأهله أرضا طوال خمس سنوات زواج بلا حمل ، أو تنتظر وقتا أخرا تحت تأثير ذلك الإرهاب النفسي الشديد ، قد لا تحتمله مستقبلا وخصوصا بعد بزوغ بعض أشعة الأمل منذ أسبوعين وفي نفس المكان ، يقطع ذلك العصف الذهني صوت الممرضة " أتفضلي يا مدام الدكتور في انتظارك ".
أعاد التحية والسلام عليها مداعبا أياها بأنها منضبطة أكثر من ساعة ( بيج بن ) نفسها ، تتقبل الدعابة بأريحية وابتسام .
" أتفضلي علي سرير الكشف وإن شاء الله خير "
ساعة الحائط تطلق صفيرها معلنا تمام العاشرة .
" ألف مبروك يا مدام حضرتك حامل ....."
10/5/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق